Rabu, 23 April 2014

النظرية التصورية

النظرية التصورية

المبحث الأول
المقدمة

الحمد لله العزيز الحكيم، الرَؤوف الرّحيم، الـهادى إلى الصّواب و صراط الـمستقيم. ولا حول ولاقؤة إلاّ بالله العلىّ العظيم. أشهد أن لآ اله إلاّ الله وحده لاشريك له، شهادة تقوم ببعض ما يجب علينا لسوابغ نعمه. وأشهد أنّ سيّدنا ونبيّنا وقرّة أعيوننا محمّد صفوة الصّفوة، الـمرسل للنّاس كافة بشيرا ونذيرا بين يدى السّاعة. اللّهمّ صـلّى وسلّم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه الطـيّبين الطّاهرين، وعلى كلّ من إهتدى بـهداية الـمبارك ومنهج منهجه القويم، وسلك صراطه الـمستقيم. آمين يا ربّ العالمين.
قد ركزت المناهج اللغوية فى دراسة المعنى مند وقت مبكر، إما على المعنى المعجمى أو دراسة معنى الكلمات المفردة بإعتبارها الواحدة الأساسية لكل من النحو والسيمانتيك. وكانت قد قدمت بـهذا الخصوص مناهج ونظريات متعددة ومتنوّعة، بل نكتفى هنا بالتركيز على بعضها لأهمّيته، آلا وهى الكشف عن النظرية التصوريّة. أي إحدى من مناهج دراسة المعنى بجانب النظرية الإشاريّة والسلوكيّة والسياق والحقول الدلالية والتحليلية وما إلى ذلك.
فقضايا الآن، فى هذه المقالة القصيرة كتبنا عن تعريف التصورات والنظرية التصوريّة وما يتعلق بـها. إنطلاقا من بيان السّابق، يقدم الأسئلة التآلية:
1.   كيف المفهوم من التصورات والنظرية التصوريّة؟
2.   كيف المزايا والنقائص للنظرية التصوريّة؟
و الأهداف التى يرمى إليها البحث من هذه المقالة كما يلي:
1.   الكشف عن المفهوم من التصورات والنظرية التصوريّة.
2.   الكشف عن المزايا والنقائص للنظرية التصوريّة.


المبحث الثانى
النظرية التصوريّة

‌أ.    تعريف التصورات والنظرية التصوريّة

الرؤية التى كنا ننقدها تربط بين الكلمات والأشياء على نحو مباشر. وهناك رؤية تبدو لأول وهلة أكثر تكلفا وأكثر قبولا، وهى التى تربط بينهما من خلال توسط مفاهىم العقل. هذه الرؤية يعرضها بكل عناصرها بعض الفلاسفة واللغويين منذ عصور قديمة حتى وقتنا الحالى. ومن الروايات المشهورة نظرية (العلامة Sign) عند دي سوسير، و (مثلث العلامات semiotic triangel) عند أوجدن ورينشاردز.
ومن المعلوم، كان المقصود فى التطبيق هو بأن للكلمة معنى. ومعرفة معنى الكلمة يعنى أننا نستطيع أن نقوم بعدد من الأشياء، نستطيع أن نستخدمها على نحو دقيق، نستطيع نشرحها للآخرين عن طريق وإعادة الصياغات أو عن طريقة المترادفات. لكنّ هذا لا ينتج عنه وجود كيان هو المعنى أو مجموعة من الكيانات هى معنى الكلمات. وأن تعنى الكلمة شيئا فهذا شبيه إلى حد ما بفكرة أن لا فتة فى الطريق تسير إلى مكان ما، إننا نستطيع أن نفهم معنى الكلمة على نحو تام مثلما نستطيع أن نقرأ للافتة. لكن من غير المعقول أن نسأل ما هذا الذى تعنيه الكلمات، إلا أن نسأل ما هذا الذى تشير إليه اللافتات.[1]
وبنسبة إلى اللغويّ الحديث، هناك نظريات متعددة إهتمّت بدراسة المعنى، ومنها: النظرية الإشارية والنظرية التصورية والنظرية السلوكية ونظرية السياق ونظرية المجالات الدلالية، ونكتفى هنا بإلقاء الضوء على إحدى من هذه النظريات تعد من أهم نظريات دراسة المعنى،[2] آلا وهى النظرية التصورية.
وترجع فكرة النظرية التصوريّة إلى اللغويّ أو الفيلسوف الإنجليزى أي "جون لوك" (John Locke)، وقد قال: "إستعمال الكلمات يجب أن يكون الإشارة الحساسة إلى الأفكار، والأفكار التى تمثلهـا تعد مغزاها المباشر الخاص". وتتخلص هذه النظرية على أنّ اللغة هى وسيلة أو أداة لتوصيل الأفكار ونقلها من شخص إلى آخر، إذْ بمعنى أن اللغة تعد تمثيلاً خارجيا (أصوات فى صورة ألفاظ) ومعنويا لحالة داخلية فى ذهن المتكلّم أي الأفكار، لأنّ الأفكار فى ذهن المرء لـها وجود مستقل تمامًا عن اللغة كما أنّ وظيفتها مستقلة تمامًا عن اللغة. ويؤكّد أصحاب هذه النظرية ذلك بأنّ قالوا: إنّ قيمة اللغة فى نقلها أفكار المتكلّم إلى السّامع أو السامعين، ولولا أنّ المتكلّم يشعر بالحاجة إلى نقل الأفكار إلى غيره ممن حوله لما كان للغة أية قيمة، ولكنّ الإستغناء عنها جملة وتفصيلا هو الأجدى والأولى.
بالإضافة إلى ذلك، فإنّ هذه النظرية تقتضى أن يكون لكلّ معنى فكرة، وأنّ هذه الفكرة لابد أن تكون حاضرة فى ذهن المتكلّم، وأنّ المتكلّم عليه أن يعبّر عن تلك الفكرة بصورة لغوية (صوتية لفظية) يدرك بـها السامع هذه الفكرة كما هى فى ذهن المتكلّم، لكى تستدعى هذه الصورة اللغوية الفكرة نفسها عند السامع. لأنّ طبيعة المعنى في النظرية التصورية هو الصورة الذهنية التى تستدعيها الكلمة عند السامع أو التى يفكر فيها المتكلم.  ويمكن توضيح ذلك بالخطط التالى:
الفكرة عند المتكلم              صورة لغوية              الفكرة عند السّامع
   (وهى الفكرة نفسها عند السّامع)

المثال:
- المتكلم: يفكر فى (الشجرة) ينطق بكلمة (شجرة).
- السامع: يسمع كلمة (شجرة) يفكر فى الشجرة يفهم معنى الشجرة.
ومثال آخر، إذا تلفظ المتكلم مثلا بلفظ (كتاب)، فإنّه بذلك يشير إلى فكرة فى ذهنه وفى ذهن السامع أيضا، لأنّ كلاّ منهما يملك تصورا عن الكتاب، وهو كما أسلفنا تصور واحد وهذا التصور الموحّد هو الذى أحدث عملية التواصل. إذْ تلاحظ هذه النظرية التركيز على الأفكار أو التصورات الموجودة فى عقول المتكلّمين والسامعين بقصد تحديد معنى الكلمة، أو ما يعيّنه المتكلّم بكلمة إستعملها فى مناسبة معيّنة، لأنّ المعنى عند أصحاب النظرية التصوريّة يمثل فى فكرة سواء إعتبرنا معنى الكلمة هو الصورة الذهنية أو إعتبرناه العلاقة بين الرمز والفكرة.[3]
وكانت هذه النظرية تقتضى بالنسبة لكلّ تعبير لغوي أو لكل معنى متميّز للتعبير اللغوى أن يملك فكرة، ولابدّ أن تكون هذه الفكرة بـــــــ:
1.   أن تكون حاضرة فى ذهن المتكلّم.
2.   لابدّ أن ينتج المتكلّم التعبير الذى يجعل الجمهور يدرك أنّ الفكرة المعيّنة موجودة فى عقله فى ذلك الوقت.
3.   التعبير يجب أن يستدعى نفس الفكرة فى عقل السامع.
ومن ثمّ هذا هو أحد المأخذ الأساسية على هذه النظرية من وجهة النظر السلوكية، لأنّ مادم المعنى هو الفكرة فكيف يتسنّى للمتكلّم أن يخاطب السامع وينقل المعنى إليه مع أنّ الأفكار تعد ملكا خاصا بالمتكلّم.
ويرد مؤيدو النظرية بأنّ الأفكار ترتبط بالتصور، ومثال هذه النظرية التصورية هى إذا قلنا "المنضدة" فكلّ من المتكلّم والسامع يملك التصور للمنضدة، إذ تكون هذه التصورية يجعل الإتصال بينهما ممكنًا. وقد كان رفض النظرية التصورية هو المنطلق لمعظم المناهج الحديثة التى ظهرت خلال هذا القرن، والتى اتجهت إلى جعل المعنى أكثر موضوعية وأكثر علمية من جهة أخرى.[4]
وأهل هذه النظرية متعدّدة، منهم:
أ‌)    نظرية الصورة الذهنية عند بعض الأصوليين مثل الجويني (Al-Juwaini) وفخر الدين الرازي (Al-Razi) الذي يقول بأن الألفاظ المفردة أي الكلمات المفردة لا تشير إلى الفكرة خارج اللغة بل المفروض منه معانى الفكرة فى ذهن المتكلّم نفسه. وقد إتّفق أهل اللغة الآخر بالحجّة المتساوية بما قبلها، إذ قال البيضاوى (Al-Baidhawi) وإبن زملكان (Ibnu Zamalkani) والقرطبى(Al-Qurthuby).وحجة الرازي: "إن من رأى شيئا من بعيد وظنه حجرا أطلق عليه حجرا، ولما قرُب إليه وظنه شجرا ثمّ أطلق عليه لفظ شجر، وعندما دنا أو قرب أكثر وظنه فرسا أطلق عليه لفظ فرس، ثم إذا تحقق منه وعرف أنه إنسان أطلق عليه لفظ إنسان". دل ذلك على أن بأنّ الكلمة يمكن أن تغيّر بنسبة إلى المعنى الموجود فى ذهن المتكلّم وليس بنسبة إلى الفكرة خارج اللغة.
ب‌) النظرية التصورية عند الغربيين أي نظرية الأفكار الذهنية عند الفيلسوف "جون لوك" (John Locke) الذي يرى أن المعاني لـها وجود مستقل فى الذهن فى شكل صور ذهنية ناتجة عن تشكيل حواسنا لـها فى الذهن. والنظرية التصورية عندRichards  و Ogden (ريتشاردز وأوغدن): وقد قدم هذان الفيلسوفان نظرية تحليلية لعناصر الدلالة في مثلثهما المشهور.[5]


‌ب.   المزايا والنقائص للنظرية التصوريّة

إنّ المزايا لـهذه النظرية هى:
1. هذه النظرية تقتضى بالنسبة لكلّ تعبير لغوي أو لكل معنى متميّز للتعبير اللغوى أن يملك الفكرة الحاضرة فى ذهن المتكلّم، إذ يجب أن يستدعى نفس الفكرة فى عقل السامع. لأنّ تركّزت هذه النظرية على تحديد معنى الكلمة من الأفكار أو التصوّرات الموجودة فى عقول المتكلّمين أو السامعين. المثال:
- المتكلم: يفكر فى ذهنه (الشجرة) ينطق بكلمة (شجرة).
- السامع: يسمع كلمة (شجرة) يفكر فى ذهنه عن الشجرة يفهم معنى الشجرة كما فهم المتكلّم.
2. هذه النظرية تعتبر اللغة كالوسيلة أو أداة لتوصيل الأفكار، إذ تكون اللغة معبّر لمعنى المعيّن كالعلامة على الفكرة المعيّنة. لأنّ الأفكار التى تدور فى أذهاننا تملك وجودا مستقلاً، ووظيفة مستقلة عن اللغة. المثال: "إن من رأى شيئا من بعيد وظنه حجرا أطلق عليه حجرا، ولما قرُب إليه وعرف أنه إنسان أطلق عليه لفظ إنسان". دل ذلك على أن بأنّ الكلمة يمكن أن تغيّر بنسبة إلى المعنى الموجود فى ذهن المتكلّم وليس بنسبة إلى الفكرة خارج اللغة.[6]

وكانت لـهذه اللنظرية التصوريّة عدة النقائص، إذْ النقصان كما يلى:
1.قد يكون المعنى للنظرية التصوريّة بصفة غامضة أو غير واضحة، لأنّ إختلف التصوّر لكلّ بشر لعدة الفكرة الموجودة فى ذهن كلّ بشر. المثال: حين نطق أحد بـــــ: "المثلّث" ففكر كلّ واحد بالفكرة المتفرّقة، لأنّ هناك من يفكّر بالمثلّث متساوى السّاقين أو المثلّث متساوى الأضلاع أو المثلّث قائم الزاوية وما أشبه ذلك. إذن إختلف المعنى التصوريّة الموجودة فى ذهن كلّ بشر ويمكن أن يتغيّر حين يهدّد إلى الكلمة.
2.إنّ التعبيرات المختلفة قد تستحقّ المعنى التصوريّة واحد فحسب. المثال: حين نظرنا إلى الطفل الذى يضرب الأرض بقدمه، ففكرنا بعِدة الفكرة، منها: "إنّه يتألّم بقدمه" أو "حاول الطفل لقتل النملة" أو "غضب الطفل" أو "إنّه يلعب. إذ المفروض منه، إن البداية للتعبيرات المختلفة تـُهدّد إلى الواقع الذى نظره البشر.
3.تستحقّ بعض الكلمة أو اللفظ على المعنى التصوريّة بصفة غامضة أو متناقض فى مستوى البشر ويختلف الناس فيها اختلافا كبيرا، منها: العُمْلَاقَةُ (raksasa). أو الكلمات المتّصفة بالعقلية، منها: الحبّ أو الصدق أو الشكّ أو الظنّ وما إلى ذلك. إذ لعدة الكلمات التالية لا يستحقّ كل البشر الحدود أو صورة فكريّة الواضحة فى ذهنهم.[7]


المبحث الثالث
الخاتمة

الخلاصة :
ترجع فكرة النظرية التصوريّة إلى اللغويّ أو الفيلسوف الإنجليزى أي "جون لوك" (John Locke)، وقد قال: "إستعمال الكلمات يجب أن يكون الإشارة الحساسة إلى الأفكار، والأفكار التى تمثلهـا تعد مغزاها المباشر الخاص". وتتخلص هذه النظرية على أنّ اللغة هى وسيلة أو أداة لتوصيل الأفكار ونقلها من شخص إلى آخر. وتقتضى النظرية التصوريّة أن يكون لكلّ معنى فكرة، وأنّ هذه الفكرة لابد أن تكون حاضرة فى ذهن المتكلّم، وأنّ المتكلّم عليه أن يعبّر عن تلك الفكرة بصورة لغوية (صوتية لفظية) يدرك بـها السامع هذه الفكرة كما هى فى ذهن المتكلّم، لكى تستدعى هذه الصورة اللغوية الفكرة نفسها عند السامع.
إنّ المزايا لـهذه النظرية هى: هذه النظرية تقتضى بالنسبة لكلّ تعبير لغوي أو لكل معنى متميّز للتعبير اللغوى أن يملك الفكرة الحاضرة فى ذهن المتكلّم، إذ يجب أن يستدعى نفس الفكرة فى عقل السامع. وهذه النظرية تعتبر اللغة كالوسيلة أو أداة لتوصيل الأفكار، إذ تكون اللغة معبّر لمعنى المعيّن كالعلامة على الفكرة المعيّنة. وأما النقائص لـهذه اللنظرية التصوريّة كما يلى: قد يكون المعنى للنظرية التصوريّة بصفة غامضة أو غير واضحة، لأنّ إختلف التصوّر لكلّ بشر لعدة الفكرة الموجودة فى ذهن كلّ بشر. وإنّ التعبيرات المختلفة قد تستحقّ المعنى التصوريّة واحد فحسب. وتستحقّ بعض الكلمة أو اللفظ على المعنى التصوريّة بصفة غامضة أو متناقض فى مستوى البشر.



المراجع

إبراهىم، صبر السيد. علم الدلالة إطار جديد. جامعة عين الشمس، 1995.
عوض، فريد حيدر. علم الدلالة (دراسة نظرية وتطبيقية. القاهرة: مكتبة الآداب، 2005.
سعد محمد، محمد. فى علم الدلالة. القاهرة: مكتبة زهراء الشرق، 2002.
مختار، أحمد عمر. علم الدلالة. القاهرة: عالم الكتب، 2006.
الرحمن، توفيق. Leksikologi Bahasa Arab. مالنج: UIN-Malang Press، 2008.


[1]  صبر إبراهيم السيد، علم الدلالة إطار جديد، (جامعة عين الشمس، 1995)، 46-51.
[2]  فريد عوض حيدر، علم الدلالة (دراسة نظرية وتطبيقية)، (القاهرة: مكتبة الآداب، 2005)، 157.
[3]  محمد سعد محمد، فى علم الدلالة، (القاهرة: مكتبة زهراء الشرق، 2002)، 32-33.
[4]  أحمد مختار عمر، علم الدلالة، (القاهرة: عالم الكتب، 2006)، 57-58.
[5]  توفيق الرحمن، Leksikologi Bahasa Arab، (مالنج: UIN-Malang Press، 2008)، 41.
[6]  أحمد مختار عمر، علم الدلالة، 57-58.
[7]  توفيق الرحمن، Leksikologi Bahasa Arab، 41-42.

2 komentar:

  1. مقال رائع تشكرين عليه

    BalasHapus
  2. جزيل الشكر لك
    عسى أن ينفعنا جميعا
    آمين يا رب

    BalasHapus